كيف ينتقل مرض السيلان

مرض السيلان هو من الأمراض المنقولة جنسياً الأكثر شيوعاً في العالم، وينجم عن عدوى بكتيرية تسببها جرثومة تُعرف باسم النيسيرية البنية (Neisseria gonorrhoeae). يعتبر هذا المرض من الأمراض التي تؤثر بشكل رئيسي على الأغشية المخاطية في الجسم، مثل المهبل، عنق الرحم، الإحليل عند الرجال، وكذلك المستقيم والبلعوم. الانتقال السريع والسهل لهذا المرض يجعل منه تهديداً صحياً كبيراً، خصوصاً في غياب التوعية أو العلاج المناسب.

في هذا المقال، سيتم توضيح جميع الطرق التي ينتقل من خلالها مرض السيلان، مع تفصيل شامل لكيفية حدوث العدوى في كل حالة، إضافة إلى بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة، مع تقديم معلومات علمية دقيقة مدعمة بالأدلة، لتكوين رؤية واضحة عن طبيعة انتشار هذا المرض.

آلية انتقال مرض السيلان

مرض السيلان ينتقل بشكل رئيسي عن طريق الاتصال الجنسي المباشر، سواء كان ذلك من خلال الجماع المهبلي، أو الجنسي الشرجي، أو الفموي مع شخص حامل للجرثومة. الجرثومة تصيب الأغشية المخاطية التي تُبطّن هذه المناطق، وتتكاثر فيها محدثة الالتهاب والأعراض المصاحبة للمرض.

1. الانتقال عبر الجماع المهبلي

يعد الجماع المهبلي هو الطريقة الأكثر شيوعاً لانتقال مرض السيلان بين الرجال والنساء. تنتقل الجرثومة من الشخص المصاب إلى الشخص السليم عبر سوائل الجسم التي تحتوي على البكتيريا، خصوصاً من الإفرازات المهبلية أو إفرازات الإحليل عند الرجال.

خلال الاتصال الجنسي المهبلي، إذا كانت الأغشية المخاطية لدى أحد الطرفين مخدوشة أو متضررة، فإن فرصة انتقال الجرثومة تزداد بشكل ملحوظ، حيث يسهل على البكتيريا اختراق الأنسجة والدخول إلى مجرى الدم أو الأنسجة المجاورة.

2. الانتقال عبر الجماع الشرجي

الجماع الشرجي هو وسيلة أخرى هامة لانتقال مرض السيلان. الأغشية المخاطية في المستقيم حساسة جداً وقد تتعرض بسهولة للتمزق أو الخدش أثناء الجماع، مما يتيح فرصة كبيرة لبكتيريا النيسيرية البنية للتسلل إلى الجسم.

الأشخاص الذين يمارسون الجنس الشرجي دون استخدام وسائل وقائية، مثل الواقي الذكري، يكونون معرضين بشدة للإصابة بالسيلان، لا سيما أن العدوى في المستقيم قد تكون صامتة ولا تظهر أعراض واضحة، مما يزيد من احتمال نقل المرض للآخرين دون معرفة.

3. الانتقال عبر الجماع الفموي

رغم أن الجماع الفموي يُعتبر أقل شيوعاً في نقل مرض السيلان مقارنة بالطرق السابقة، إلا أنه يشكل خطراً لا يُستهان به. يمكن للبكتيريا أن تصيب الأغشية المخاطية للفم، الحلق، واللوزتين، مما يؤدي إلى الإصابة بالسيلان الفموي أو الحنجري.

قد يكون هذا النوع من العدوى أقل وضوحاً في الأعراض، ولكن حامل العدوى في الحلق يمكن أن ينقل المرض بسهولة للطرف الآخر عبر ممارسة الجنس الفموي، خاصةً في حالة وجود تقرحات أو جروح صغيرة في الفم.

طرق أخرى لانتقال العدوى

4. انتقال العدوى من الأم إلى الطفل أثناء الولادة

تعتبر العدوى التي تنتقل من الأم الحامل المصابة بالسيلان إلى طفلها أثناء الولادة من الطرق المهمة لانتقال المرض. في أثناء عبور الطفل لقناة الولادة، قد يتعرض لجرثومة السيلان التي تلتصق بأعينه أو مجرى التنفس، مما يسبب له التهاباً خطيراً في العين قد يؤدي إلى العمى إذا لم يُعالج بسرعة.

لهذا السبب، يحرص الأطباء على إعطاء قطرات مضادة للجراثيم للأطفال حديثي الولادة فور الولادة كإجراء وقائي.

5. انتقال العدوى عبر مشاركة الأدوات الملوثة

بالرغم من ندرتها، يمكن أن تنتقل جرثومة السيلان عبر مشاركة الأدوات التي تتلامس مع السوائل المعدية، مثل الفوط الصحية أو الأدوات الطبية غير المعقمة. لكن هذه الطرق ليست شائعة مقارنة بالانتقال الجنسي المباشر.

عوامل تزيد من خطر الإصابة بمرض السيلان

هناك عدة عوامل تزيد من احتمالية الإصابة بمرض السيلان، وهي تشمل:

• تعدد الشركاء الجنسيين: كلما زاد عدد الشركاء الجنسيين، زادت فرص التعرض لشخص حامل للمرض.

• عدم استخدام وسائل الحماية: مثل عدم استخدام الواقي الذكري، مما يسهل انتقال الجرثومة.

• الإصابة بأمراض منقولة جنسياً أخرى: كفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، التي تضعف الجهاز المناعي وتجعل الجسم أكثر عرضة للعدوى.

• العمر: الشباب والفئة العمرية بين 15-24 سنة هم الأكثر عرضة للإصابة نظراً للطبيعة الاجتماعية والسلوكية لتلك الفئة.

• الظروف الاجتماعية والاقتصادية: الفقر، قلة التوعية، وعدم توفر خدمات الرعاية الصحية كلها تزيد من معدل انتشار المرض.

كيف تحدث العدوى على المستوى البيولوجي؟

جرثومة السيلان هي بكتيريا على شكل حبة فاصوليا، تتميز بقدرتها على الالتصاق بالخلايا الظهارية للأغشية المخاطية عبر ما يُسمى بالبيلات أو الزوائد الشبيهة بالشعيرات. بعد الالتصاق، تقوم البكتيريا بإفراز إنزيمات تساعدها على اختراق طبقات الأنسجة، وتبدأ بالتكاثر داخل الخلايا.

تقوم البكتيريا أيضاً بتحفيز استجابة التهابية قوية من الجسم، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض مثل الإفرازات القيحية، الألم، والحكة. إذا لم تُعالج، قد تنتقل العدوى إلى أماكن أخرى، مثل المفاصل أو مجرى الدم، مسببة مضاعفات صحية خطيرة.

جدول يوضح طرق انتقال مرض السيلان

أهمية الوقاية من انتقال مرض السيلان

يعد مرض السيلان من الأمراض التي يمكن الوقاية منها بسهولة عن طريق اتخاذ الاحتياطات اللازمة. فمعرفة طرق انتقال المرض هو الخطوة الأولى في بناء استراتيجيات وقائية فعالة.

الوسيلة الأساسية للوقاية تتمثل في:

• استخدام الواقي الذكري بشكل صحيح في جميع أنواع الاتصال الجنسي.

• الحد من عدد الشركاء الجنسيين.

• الفحص الدوري للأمراض المنقولة جنسياً خاصة لدى الأشخاص النشطين جنسياً.

• تجنب مشاركة الأدوات الشخصية التي قد تتلوث.

• توعية الحوامل حول خطر المرض وضرورة الفحص والعلاج المبكر.

مضاعفات ناتجة عن انتقال المرض وعدم علاجه

إذا لم يتم علاج مرض السيلان بشكل فعال، فقد تتطور العدوى وتؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة تشمل:

• التهاب الحوض عند النساء: يسبب ألمًا مزمنًا، تضرر قناة فالوب، وزيادة خطر العقم.

• التهاب البروستاتا عند الرجال: يسبب ألماً وتورماً، وقد يؤثر على القدرة الجنسية.

• انتشار العدوى إلى مجرى الدم: يؤدي إلى التهابات خطيرة في المفاصل أو القلب.

• زيادة خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية: حيث تفتح الالتهابات الناتجة من السيلان الأبواب لدخول فيروس الإيدز بسهولة أكبر.

الخلاصة

ينتقل مرض السيلان بشكل رئيسي عبر الاتصال الجنسي المباشر بأنواعه (المهبلي، الشرجي، الفموي)، ويمكن أن ينتقل أيضاً من الأم إلى طفلها أثناء الولادة، بالإضافة إلى إمكانية نادرة للانتقال عبر الأدوات الملوثة. فهم طرق انتقال المرض يساعد في تعزيز الوقاية والحد من انتشاره، مما يحمي الصحة العامة ويقلل من المضاعفات الخطيرة التي قد تنتج عنه. الوقاية، التوعية، والفحص الدوري هي الركائز الأساسية للسيطرة على هذا المرض الخطير والحد من انتشاره في المجتمعات.

المصادر والمراجع

1. منظمة الصحة العالمية – الأمراض المنقولة جنسياً، تحديثات 2023

2. كتاب “علم الأمراض المعدية” – تأليف د. محمد عبد السلام، الطبعة الرابعة، 2021